كانت الحارات الواسعة ملعبنا نحن الصغار . وكنا نعرف ونزاول من الألعاب أربعة ضروب : فأما الصغار جدا فيلعبون البليّ ؛ وأما الأوساط فيلعبون النط ؛ وأما الكبار فيلعبون الكرة أو يتسابقون . وكانت الكرة هي كرة الجوارب ؛ أما الكرة المنفوخة ، فما كانت له قدرة على شرائها .
والمهرة من الصغار ، كانوا يتبارون في الرماية ، وسلاحهم ( الرايقة ) : فيقف الفريقان أحدهما في أول الحارة ، والآخر في آخرها ؛ وبينهما أكثر من ثلاثين مترا ؛ لأن الإصابة بهذه ( الرايقة ) ، كالإصابة بحد السيف ، تقطع وتدمي .
وكان لكل حي شجعانه ، وكل جماعة من الشجعان تهاجم كل جماعة أخرى ، أو تثأر لنفسها . وكنا – نحن الصغار – نستطيع أن نعرف – سلفا – أنباء الغارات المفاجئة ، فنحذر شجعان حينا ، ثم نخرج لنتفرج ، أو نتفرج من النوافذ على العصي وهي تهوي على الرؤوس . ونشارك في المعركة ( الرايقة ) من النوافذ . والجريء منا ينزل إلى الشارع ويشارك في القتال ، على ألا يصيب إلا خصوم حيه .